وَأَخِيراً أَقْبَلَ رَسُولُكَ فِي لَيْلَةٍ لَيْلَاءَ رَسُولُكَ كَانُون -كَانُون الثَّانِي الْأَصَمُ فَسَلَّمَ بِالْعَوَاصِفِ وَالصَّوَاعِقِ وَصَافَحَ بِالْبُرُوقِ وَالرُّعُودِ .وَمَا هِيَ غَيْر سَاعَاتٍ قَصِيرَاتٍ حَتَّى وَجَدْتُنِي قَابِعاً فِي زَاوِيَةِ بَيْتِي وَأَمَامِي مَوْقِدٌ فِيهِ حَطَبَاتٌ نَحِيلَاتٌ تَلْحَسُ أَبْدَاهُنَّ أَلْسِنَةُ نَارٍ لَعُوبٍ طَرُوبٍ ،فَيُقَهْقِهْنَ وَيُزَغْرِدْنَ وَتَطْفِرُ مِنْ قُلُوبِهِنَّ شَرَارَاتٌ رَاقِصَاتٌ وَيَرْسُبُ مَا تَبَقَّى مِنْهُنَّ فِي أَسْفَلِ الْمَوْقِدِ رَمَاداً بِلَا حَرَاكٍ. وَعَلَى قَيْدِ فَتَرٍ مِنِّي هِرَّتَي الْبَيْضَاءُ وَقَدْ )اِلْتَفَّتْ( عَلَى ذَاتِهَا كَعْكَةً ...وَعِنْدَمَا خَمَدَتْ نَارِي وَنَضَبَ الزَّيْتُ فِي سِرَاجِي )اِنْطَلَقَتْ( هِرَّتِي إِلَى مُسَامَرَةِ الفئران...والعاصفة مَا انْفَكَّتْ تَدُورُ مِنْ حَوْلِي مُزَمْجِرَةً وَلِلرَّعْدِ قَصْفٌ وَدَوِيُّ وَتَرْجِيعٌ ..حَتَّى خُيِّلَ إِلَيَّ أَنَّ الْعَاصِفَةَ لَنْ تَهْدَأَ ..وَعَبَثاً حَاوَلْتُ أَنْ أَصُمَّ أُذُنَيَّ دُونَ الْفَحِيحِ وَالصَّفِيرِ وَأَنْ أَزْرَعَ فِيهِمَا أَغَانِي الْجَنَادِبِ وَزَقْزَقَةَ الْعَصَافِيرِ وَحَفِيفَ الْأَوْرَاقِ وَخَرِيَرَ الْجَدَاوِلِ ،حَتَّى نَقِيقَ الضَّفَادِعِ فِي لَيَالِي الصَّيْفِ الْمُقْمِرَاتِ .فَمَا كُنْتُ أَسْمَعُ غَيْرَ هَدِيرِ الرِّيَاحِ وَزَمْجَرَةِ الرُّعُودِ. فَرَأَيْتُنِي صَغِيراً وَصَغِيراً جِدَّا وَرَأَيْتُنِي ضَعِيفاً وَضَعِيفاً جَدَّا يَا اللَّه .
ميخائيل نعيمة البيادر ص11-13 مؤسسة نوفل بيروت لبنان
ميخائيل نعيمة البيادر ص11-13 مؤسسة نوفل بيروت لبنان